اطباء بلا حدود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اطباء بلا حدود

اطباء بلا حدود منتدي طبي اجتماعي ديني منه ازاي نساعد بعض ونساعد غيرنا
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ليلة القدر في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
DOCTOR TO BE
عضو ذهبي



ذكر
عدد الرسائل : 48
العمر : 34
العمل/الترفيه : طالب
تاريخ التسجيل : 08/09/2007

ليلة القدر في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: ليلة القدر في القرآن الكريم   ليلة القدر في القرآن الكريم Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 10, 2007 2:39 am

بسم الله الرحمن الرحيم [size=9]

إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ[ .

[1] عندما انهمر فيض الوحي على قلب الرسول صلى الله عليه وآله في ليلة القدر في شهر رمضان، وتنـزلت ملائكة الرحمة و الروح بالقرآن، رسالة السلام، وبشير الرحمة، عندئذ خلد الله هذه المناسبة المباركة التي عظمت في السماوت و الارض، وجعلها ليلة مباركة خيراً من ألف شهر .

إنها حقاً عيد الرحمة، فمن تعرض لها فقد حظى بأجر عظيم !! فقال الله سبحانه: ]إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[

وكذلك قال ربنا سبحانه: ]إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ[ (الدخان/3-4)

كذلك نزل القرآن كله على قلب الرسول في تلك الليلة، ثم نزل بصورة تدريجية طيلـة ثلاث و عشرين عاماً، لتأخذ موقعها من النفوس، وليكون

كتاب تغيير يبني الرسول به أمة وحضارة، ومستقبلاً مشرقاً للإنسانية.

وكذلك قال ربنا سبحانه: ]شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْانُ[ (البقرة/185)

ومعروف أن القرآن تنـزل بصورته المعهودة في أيام السنة جميعاً، فله إذاً نزلة أخرى جملة واحدة .

والسؤال: لماذا سميت هذه الليلة بليلة القدر؟

يبدو أن أهم ما في هذه الليلة المباركة تقدير شؤون الخلائق، وقد استنبط اللفظ منه، فهي ليلة الأقدار المقدرة، كما قال ربنا: ]فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ[.

وقال بعضهم: بل لأنها ليلة جليلة القدر، قد أنزل الله فيها كتاباً قديراً، ولأن الذي يحييها يكون عند الله ذا قدر عظيم.

[2] من ذا الذي يستطيع أن يدرك أبعاد تلك الليلة التي باركها الله لخلقه بالوحي، وجعلها زماناً لتقدير شؤون العالمين؟ من ذا الذي يدرك عظمة الوحي، وجلال الملائكة، ومعاني السلام الإلهي؟ إنها ليست فوق الإدراك بصورة مطلقة، ولكنها فوق استيعاب الإنسان لجميع أبعادها، وعلى الإنسان ألا يتصور أنه قد بلغ علم ليلة القدر بمجرد معرفة بعض أبعادها، بل يسعى ويسعى حتى يبلغ المزيد من معانيها، وكلما تقدم في معرفتها كلما استطاع الحصول على مغانم أكبر منها.

]وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ[

سبق القول من البعض: إن هذه الجملة وردت في القرآن لبيان أهمية الحقيقة التي تذكر بعدها.

بينما تترك الحقيقة مجملة إذا ذكرت عبارة وما يدريك .. هكذا قالوا، واعتقد أن كلتا الجملتين تفيدان تعظيم الحقيقة التي تذكر بعدها .

[3] كيف نعرف أهمية الزمان ؟ أليس عندما يختصر المسافة بيننا وبين أهدافنا، فاذا حصلت في يوم على ميلون دينار، وكنت تحصل عليه خلال عام أليس هذا اليوم خير لك من عام كامل ؟ كذلك ليلة القدر تهب للإنسان الذي يعرف قدرها ما يساوي عمراً مديداً؛ ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر. وبتعبير أبلغ؛ ألف شهر.

]لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ[

أجل الواحد منا مسمى عند الله، وقد يكون قصيراً، قد لا يبلغ الواحد منا معشار أهدافه فيه، فهل يمكن تحدي هذا الواقع ؟ بلى؛ ولكن ليس بالصورة التي يتخيلها الكثير، حيث يتمنون تطويل عمرهم، وقليل هم الذين يحققون هذه الأمنية، لأن عوامل الوفاة عديدة وأكثرها خارج عن إرادة الإنسان. فما هو إذاً السبيل الى تمديد العمر؟ إنما بتعميقه، ومدى الانتفاع بكل لحظة لحظة منه. تصور لو كنت تملك قطعة صغيرة من الارض، ولا تستطيع توسيعها فكيف تصنع ؟ إنك سوف تبني طوابق فيها بعضها تحت الأرض وبعضها يضرب في الفضاء وقد تناطح السحب. كذلك عاش بعض الناس سنين معدودات في الأرض، ولكنهم صنعوا عبرها ما يعادل قروناً متطاولة؛ مثلاً عمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله لم يتجاوز الثلاث والستين، وأيام دعوته ثلاث وعشرون عاماً منها، ولكنها أبعد أثراً من عمر نوح المديد، بل من سني الأنبياء جميعاً. وهكذا خص الله أمته بموهبة ليلة القدر، التي جعلها خيراً من ألف شهر، ليقدروا على تمديد أعمارهم في البعد الثالث (أي بعد العمق) ولعل الخبر المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله يشير الى ذلك، فقد روي ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أري أعمار الأمم قبله فكأنه تقاصر أعمار أمته ألاّ يبلغوا من العمر مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر . ([2])

وفي حديث آخر؛ أنه ذكر لرسول الله رجل من بني إسرئيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب من ذلك رسول الله عجباً شديداً، وتمنى أن يكون ذلك في أمته، فقال: يارب! جعلت أمتي أقصر الناس أعماراً، وأقلها أعمالاً. فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: ]لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْر مِّن ألْفِ شَهْر[ الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك من بعدك الى يوم القيامة في كل رمضان. ([3])

إنك قد تحيي ليلة القدر بالطاعة فيكتب الله اسمك في السعداء، ويحرم جسدك على نار جهنم أبداً، وذلك بما يوفقك له من إصلاح الذات إصلاحاً شاملاً. من هنا جاء في الدعاء المأثور في ليالي شهر رمضان مجموعة من البصائر التي تتحول بتكرار تلاوتها الى أهداف وتطلعات يسعى نحوها المؤمن بجد ومثابرة، ويجتهد في طلبها من ربه.

"اللهم اعطني السعة في الرزق، والأمن في الوطن، وقرة العين في الأهل والمال والولد، والمقام في نعمك عندي، والصحة في الجسم، والقوة في البدن، والسلامة في الدين، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وآله أبداً ما استعمرتني، واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيباً في كل خير أنزلته وتنـزله في شهر رمضان في ليلة القدر". ([4])

وهكذا ينبغي أن يكون هدفك في ليلة القدر تحقيق تحول جذري في نفسك، تحاسب نفسك بل تحاكمها أمام قاضي العقل، وتسجل ثغراتها السابقة، وانحرافاتها الراهنة، وتعقد العزم على تجاوز كل ذلك بالندم من إرتكاب الأخطاء، والعزم على تركها والالتجاء الى الله ليغفر لك ما مضى ويوفقك فيما يأتي .

وقد جاء في تأويل هذه الآية: أنها نزلت في دولة الرسول التي كانت خيراً من دول الظالمين من بني أمية، حيث نقل الترمذي عن الحسن بن علي عليهما السلام: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله أري بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنـزلت ]إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَر[ يعني نهراً في الجنة، ونزلت ]إنَّا أنْزَلْنَا في لَيلة القَدْر وَمَا أدْرَاك مَا لَيْلة القَدْر * لَيْلَة القَدْر خَير مِّن ألْفِ شَهْر[ يملكها بعدك بنو أمية"([5]) وكانت حكومة بني أمية ألف شهر لا تزيد ولا تنقص .

وهكذا فضيلة حكومة العدل وأثرها العظيم في مستقبل البشرية أكثر من ألف شهر من حكومة الجور .

لماذا أمست ليلة القدر خيراً من ألف شهر ؟ لأنها ملتقى أهل السماء بأهل الأرض، حيث يجددون ذكرى الوحي، ويستعرضون ما قدر الله للناس في كل أمر.

]تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ[

والكلمة أصلها تتنـزّل، وصيغتها مضارع تدل على الاستمرار، فنستوحي منها؛ إن ليلة القدر لم تكن ليلة واحدة في الدهـر، وإنما هـي في كل عـام مرة واحدة، ولذلك أمرنا النبـي صلى الله عليـه وآلـه بإحيائهـا .

فقد جاء في الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لما حضر شهر رمضان - وذلك في ثلاث بقين من شعبان - قال لبلال: "ناد في الناس" فجمع الناس، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " أيها الناس؛ إن هذا الشهر قد خصكم الله به، وحضركم، وهو سيد الشهور، ليلة فيه خير من ألف شهر". ([6])

وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابن العباس: "إن ليلة القدر في كل سنة وإنه ينـزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله. فقال ابن عباس من هم ؟ قال عليه السلام: " أنا وأحد عشر من صلبي". ([7])

]وَالرُّوحُ[

ما هو الروح ؟ هل هو جبرائيل عليه السلام أم هم أشراف الملائكة ؟ أم هم صنف أعلى منهم وهم من خلق الله، أم هو ملك عظيم يؤيد به أنبياءه ؟

استفاد بعضهم من الآية التالية، أن الروح هو جبرئيل عليه السلام، حيث قال ]نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَمِينُ[. (الشعراء/193)

واستظهر البعض من الآية التالية، أن الروح هي الوحي، فإن الملائكة يهبطون في ليلة القدر به قال الله تعالى: ]وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا[. (الشورى/52)

وجاء في حديث شريف ما يدل على أن الروح أعظم من الملائكة، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه سئل هل الروح جبرئيل عليه السلام؟ فقال: جبرئيل من الملائكة، والروح أعظم من الملائكة، أليس أن الله عز وجل يقول: ]تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ[. ([8])

وقد قال ربنا سبحانه: ]وأيَّدَه بِروح مِّنْهُ[ مما يدل على أن الروح هو ما يؤيد الله به أنبياءه .

ويبدو أن الروح خلق نوراني عظيم الشأن عند الله، وأن الله ليس يؤيد أنبياءه عليهم السلام به فقط، وإنما حتى الملائكة ومنهم جبرائيل يؤيدهم به. وبهذا نجمع بين مختلف الاحتمالات والأدلة، والله العالم .

]فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم[

عظيمة تلك الليلة التي تتنـزّل الملائكة فيها، وعظيمة لأن الأعظم منهم هو الروح يتنـزّل أيضاً، ولكن لا ينبغي أن نتوجه الى عظمة الروح بعيداً عن عظمة الخالق سبحانه، فإنهم عباد مكرمون، مخلوقون مربوبون، وليسوا أبداً بأنصاف آلهة، وليس لهم من الأمر أي شيء، ولذلك فإن تنـزّلهم ليس باختيارهم، وإنما بإذن ربهم.

]مِن كُلِّ أَمْرٍ[

قالوا: معناه لأجل كل أمر، أو بكل أمر. فالملائكة - حسب هذا التفسير- يأتون لتقدير كل أمر، ولكن أليس الله قد قدر لكل أمر منذ خلق اللوح وأجرى عليه القلم ؟ بلى؛ إذاً فما الذي تتنـزّل به الملائكة في ليلة القدر؟ يبدو أن التقديرات الحكيمة قد تمت في شؤون الخلق، ولكن بقيت أمور لم تحسم وهي تقدر في كل ليلة قدر لأيام عام واحد، فيكون التقدير خاصاً ببعض جوانب الأمور، وليس كل جوانبها. بلـى؛ فالتقديرات جميع الأمور، ولكن من كل أمر جانباً. وهكذا يكون حرف "من" للتبعيض وهو معناه الأصلي، وهو أيضاً ما يستفاد من النصوص المأثورة في هذا الحقل.

سأل سليمان المروزي الإمام الرضا عليه السلام وقال: ألا تخبرنـي عـن ] إنَّا أنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْر[ في أي شيء نزلت؟ قال: "يا سليمان؛ ليلة القدر يقدر الله عز وجل فيها ما يكون من السنة الى السنة، من حياة أو موت, أو خير أو شر أو رزق. فما قدره الله في تلك الليلة، فهو من المحتوم ". ([9])

وهكذا تختلف بصائر الوحي عن تصورات البشر، فبينما يزعم الإنسان أنه مجبور لا أثر لمشيئته في حياته يعطيه الوحي قيمة سامية، حيث يجعله قادراً على تغيير مجمل حياته؛ من سعادة وشقاء، وخير وشر، ونفع وضر.. كل ذلك بإذن الله، وعبر الدعاء الى الله في ليلة القدر .

إن البشرية في ضلال بعيد عن حقيقة المشيئة، فهم بين من ظن أنه صاحب القرار، وقد فوض الله الأمور إليه تفويضاً مطلقاً، فلا ثواب ولا عقاب ولا مسؤولية ولا أخلاق، وبين من زعم أنه مضطر تسوقه الأقدار بلا حرية منه ولا اختيار .

ولكن الحق هو أمر بين أمرين؛ فلا جبر لأننا نعلم يقيناً أن قرارنا يؤثر في حياتنا، أولست تأكل وتشرب وتروح وتأتي حسب مشيئتك وقرارك؟ وكذلك لا تفويض لأن هناك أشياء كثيرة لا صنع لنا فيها؛ كيف ولدت، وأين تموت، وماذا تفعل غداً، وكم حال القضاء بينك وبين ما كنت تتمناه، وكم حجزك القدر عن خططك التي عقدت العزمات على تطبيقها ؟

بلى؛ إن الله منح الإنسان قدراً من المشيئة لكي يكون مصيره بيده، إما الى الجنة وإما الى النار، ولكن ذلك لا يعني أنه سيدخل الجنة بقوته الذاتية أو النار بأقدامه, وإنما الله سبحانه هو الذي يدخله الجنة بأفعاله الصالحة، أو يدخله النار بأفعاله الطالحة.

إذاً فالإنسان يختار، ولكن الله سبحانه هو الذي يحقق ما اختاره من سعادة وشقاء، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وها هنا تتركز أهمية الدعاء وبالذات في ليلة القدر التي هي ربيع الدعاء، وقد تتغير حياة الإنسان في تلك الليلة تماماً، فكم يكون الإنسان محروماً وشقياً إن مرت عليه هذه الليلة دون أن يستفيد منها شيئاً.

ويتساءل البعض: أليس هذا يعني الجبر بذاته؟ فإذا كانت ليلة تحدد مصير الإنسان فلماذا العزم والسعي والاجتهاد في سائر أيام السنة؟!

كلا؛ ليس هذا من الجبر في شيء، ونعرف ذلك جيداً إذا وعينا البصائر التالية:

البصيرة الأولى: يبدو أن التقدير في هذه الليلة لا يطال كل جوانب الحياة، فهناك ثلاثة أنواع من القضايا:

نوع قدر في ليلة واحدة في تاريخ الكون، فقد روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتدري ما معنى ليلة القدر ؟ فقلت: لا يا رسول الله ! فقال: إن الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة، فكان فيما قدر عز وجل ولايتك وولاية الأئمة من ولدك الى يوم القيامة". ([10])

والنوع الثاني: تقديرات تتم في السنة التي يعيشها الإنسان.

بينما النوع الثالث: تبقى مفتوحة تخضع لمشيئة الإنسان وهي الفتنة. مثلاً؛ أن الله يقدر للإنسان في ليلة القدر الثروة، أما كيف يتعامل الإنسان مع الثروة، هل ينفق منها أم يبخل بها ويطغى؟ فان ذلك يخضع لمشيئة الإنسان وبه يتم الابتلاء. كذلك يقدر الله للإنسان المرض، أما صبر المريض أو جزعه فانه يتصل بإرادته .

ومع ذلك؛ فإن لله البداء، إذ لا شيء يحتم على ربنا سبحانه، وقد قال سبحانه: ]يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الْكِتَابِ[ (الرعد/39) وقد جاء في حديث مأثور عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "إذا كانت ليلة القدر نزلت الملائكة والروح والكتبة الى السماء الدنيا، فيكتبون ما يكون من قضاء الله في تلك السنة، فإذا أراد الله أن يقدم شيئاً أو يؤخره، أو ينقص أمر الملك أن يمحو ما شاء، ثم أثبت الذي أراد". قلت: وكل شيء هو عنده ومثبت في كتاب ؟ قال: "نعم". قلت فأي شيء يكون بعده ؟ قال: "سبحان الله ! ثم يحدث الله أيضاً ما يشاء تبارك وتعالى". ([11])

هكذا تبقى كلمة الله هي العليا، ومشيئته هي النافذة، ولكن الاتكال على البداء، وتفويت فرصة ليلة القدر نوع من السذاجة، بل من السفه والخسران.

البصيرة الثانية: إن الله يقدر لعباده تبعاً لحكمته البالغة ولقضائه العدل، فلا يقضي لمؤمن صالح متبتل ما يقدر لكافر طالح، وما ربك بظلام للعبيد. وهكذا يؤثر الإنسان في مصير نفسه بما فعله خلال العام الماضي، وما يفعله عند التقدير في ليلة القدر، وما يعلمه الله من سوء اختياره خلال السنة. مثلاً؛ يقدر الله لطاغوت يعلم أن لا يتوب بالعذاب في هذه السنة لأنه سوف يظلم الناس خلالها، ولو افترضنا أنه وفق للتوبة ولم يظلم الناس خلالها، فإن لله البداء في أمره، ويمحو عنه السقوط ويمد في ملكه، وقد قال ربنا سبحانه: ]إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِاَنفُسِهِمْ[ (الرعد/11)

البصيرة الثالثة: إن الناس يزعمون أن هناك أحداثاً تجري عليهم، لا صنع لهم فيها كموت عزيز، والاصابة بمرض عضال، والابتلاء بسلطان جائر، أو بالتخلف، أو بالجفاف، ولكن الأمر ليس كذلك إذ أن حتى هذه الظواهر التي تبدو أنها خارج إطار مشيئة الإنسان إنما تقع بإذن الله وتقديره وقضائه، وأن الله لا يقضي بشيء إلاّ حسبما تقتضيه حكمته وعدالته، ومن عدله أن يكون قضاؤه وتقديره حسب ما يكسبه العباد، أولم يقل ربنا سبحانه: ]ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ[ (الروم/41)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ليلة القدر في القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اطباء بلا حدود :: الركن الاسلامي :: شهر رمضان-
انتقل الى: